خطا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خطوة متقدِّمة إلى الامام في قضية مذكرات التوقيف السورية في حق الرئيس سعد الحريري والنائب عقاب صقر، من خلال حسم الموقف الرسمي منها، فأعلن ان هذه المذكرات سياسية بامتياز ولا قيمة لها وهي لاغية من الناحية القانونية.
مؤيدو الرئيس ميقاتي يعتبرون ان الموقف الذي اتخذه فيه من البطولة لأنه جريء جداً ويستحق التنويه، خصوصاً انه خرج عن ثوابته المعلنة القائمة على سياسة النأي بالنفس.
لكن هل الترحيب بهذا الموقف واعتباره بطولياً، هو موقفٌ في محله؟
***
المتابعون لهذا الملف اعتبروا أن الرئيس ميقاتي استمد بطولته من موقف الانتربول، وهو لم يتخذ الموقف الذي اتخذه إلا بعد المطالعة التي قدَّمها الانتربول ولم يأخذ بموجبها بمذكرات التوقيف السورية.
***
ماذا تضمَّنت مطالعة الانتربول؟
تقول المطالعة: أجرت الأمانة العامة مراجعة قانونية للمعلومات الواردة في طلب السلطات السورية للتأكد من التزامها النظام التأسيسي لقانون الانتربول.
بعد انتهاء مراجعة هذه القضية، ونظراً لطبيعة الاتهامات ووضعية الأشخاص المطلوبين والوضع الحالي في سوريا، تم التوصل إلى خلاصة مفادها أن تسجيل المعلومات الواردة في الرسالة لن يكون متماشياً مع النظام التأسيسي للانتربول، حيث يمنع منعاً باتاً على المنظمة أن تتدخل بأي نشاطات ذات طابع سياسي، عسكري، ديني أو عرقي.
بمعنى آخر أراد الانتربول ان يقول إن هذا الطلب هو طلبٌ سياسي وأنه استطراداً لا يتدخَّل به.
تلقَّف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي رفض الانتربول فبنى عليه وتبناه، فأين بطولته إذاً؟ ولو لم يتخذ الانتربول هذا الموقف هل كان الرئيس ميقاتي اتخذه من تلقاء نفسه؟
***
يُعرَف عن الرئيس ميقاتي أنه يتحاشى الصِدام مع المنظمات الدولية، وما موقفه الاخير الذي اتخذه سوى محاولةً لتحاشي الصِدام مع منظمة الانتربول، تماماً كما فعل بالنسبة إلى تمويل المحكمة الدولية، وهذه خطوة تُحسَب له وليست عليه، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا قوى الثامن من آذار تُمرِّر للرئيس ميقاتي هذه التسهيلات ولم تكن تمررها للرئيس سعد الحريري؟ الجواب في غاية الوضوح، تُمرِّر بعض الامور، بالمفرَّق، لحليفها في السرايا لتعود وتأخذ منه بالجملة، والمقصود هنا قانون الانتخابات النيابية، فقوى الثامن من آذار تعتبر ان كل ما يجري في الداخل هو من باب التفاصيل لأن أم المعارك ستكون في حزيران المقبل، الموعد المفترض للانتخابات النيابية، فإذا ما استطاعت ان تحصد الاكثرية في هذه الانتخابات فستكون لها الكلمة الفصل في تشكيل الحكومة التي ستعقب الانتخابات، وفي استحقاق الانتخابات الرئاسية.
***
لكن ما فات هؤلاء أن التطورات المتسارعة في المنطقة لا تتيح كل هذا الترف في التطلع سنة وأكثر إلى الامام.
إعلان Zone 5