ليس في استطاعة الرئيس ميشال سليمان وحده انقاذ لبنان من الفلتان الأمني في الداخل وعلى الحدود بصلاحياته المحدودة ولا تشكيل حكومة قادرة ما دام في استطاعة “حزب الله” إذا لم يكن قابلاً بها أن يشل عملها ليس في مجلس النواب إنما في الشارع وعندها تكون بداية الفتنة أو بداية الفراغ.
لذلك ترى أوساط سياسية مراقبة أن ما ينقذ لبنان من الاخطار الداخلية والخارجية هو اللجوء الى إحدى الوسائل الآتية:
أولاً: أن يدعو رئيس الجمهورية الزعماء الى طاولة الحوار للبحث في موضوع واحد هو: كيف السبيل إلى انقاذ لبنان من تداعيات ما يجري حوله ولا سيما في سوريا خصوصاً بعدما خرق “حزب الله” إعلان بعبدا” وتورط في المعارك الدائرة في سوريا، ما جعل هذه الحرب تمتد الى حدود لبنان شمالاً وبقاعاً، ويتدخل الطيران السوري للمرة الأولى فيها وهو ما لم يفعله ضد اسرائيل، ولا حتى في الحروب اللبنانية الماضية إذ كان محظراً عليها ذلك. وهذا يطرح سؤالاً: ما الذي يمنع الجيش السوري من اختراق حدود لبنان والانتقام من اللبنانيين المناهضين لنظام الأسد في وقت لا حكومة فيه تشكو هذا الاعتداء الى مجلس الأمن، ولا طلب قوات دولية لحماية حدوده مع سوريا كما تحميها مع اسرائيل؟ فعلى الزعماء اللبنانيين إذاً أن يقرروا ما ينبغي عمله لانقاذ لبنان. هل بتشكيل حكومة أقطاب لا مهمة لها سوى النأي بلبنان عما يجري في سوريا وتأكيد التزام “اعلان بعبدا” باتخاذ الاجراءات اللازمة لتطبيقه.
ثانياً: أن يطلب الرئيس سليمان من الدول الشقيقة والصديقة إنقاذ لبنان إذا لم يتفق الزعماء اللبنانيون على الوسيلة الناجعة لانقاذه، إذ متى كانت حدود لبنان تتعرض لما تتعرض له ليس من اسرائيل بل من دولة عربية شقيقة، ولا أحد يتحرك وكأن ثمة خطة يجري تنفيذها وتقضي بتفكيك دول المنطقة وخلق الفوضى فيها تمهيداً لاقامة الشرق الأوسط الجديد على أسس غير معروفة إلى الآن. وهذا يتطلب رداً عليه إرسال وفود اليها تطالب بمساعدة لبنان على حياد يحميه بعدما أظهرت الدول الكبرى تأييدها لهذا الحياد.
ثالثاً – أن يدعى مجلس النواب للانعقاد للبحث في وسائل انقاذ لبنان وجعله يجتاز المرحلة الدقيقة الصعبة بسلام وأمان.
وللمجلس ان يدعو الى تشكيل حكومة قادرة على العمل أو تأكيد الموافقة على “اعلان بعبدا” لأن ليس سوى الحياد ما ينقذ لبنان بعدما جرَّب الانحياز الى هذه المحاور أو تلك فكانت النتيجة حروباً داخلية وانقسامات سياسية حادّة دفع الشعب ثمن ذلك غالباً من سيادته واستقلاله وحريته ومن نمو اقتصاده وهجرة واسعة بحثاً عن عمل ومورد رزق.
رابعا – أن تدعو بكركي الزعماء المسيحيين الى لقاء للبحث في انقاذ لبنان، فإذا كان الحياد هو السبيل الى ذلك فليؤكدوا ذلك في بيان يصدر عنهم مع دعوة مسيحيي 8 آذار ولا سيما منهم “التيار الوطني الحر” للعمل على اقناع حلفائهم المسلمين بجدوى حياد لبنان الذي يشكل الوسيلة الفضلى لانقاذه من كل ما يجري حوله الآن وفي المستقبل وأن يعمل مسيحيو 14 آذار أيضاً على اقناع حلفائهم المسلمين بذلك. وعندما يتوحد موقف الزعماء المسيحيين حيال موضوع الحياد وتتجاوب غالبية الزعماء المسلمين معهم، ومن لا يتجاوب سواء أكانوا زعماء مسيحيين أم مسلمين وكان لهم تحفظات عن حياد لبنان كي يبقى ساحة مفتوحة لصراعات المحاور وتصفية الحسابات، فإنهم يتحملون أمام الشعب وأمام الله والتاريخ والوطن مسؤولية هذا الموقف بل مسؤولية تعريض لبنان السيد الحر المستقل للزوال، إذ لم يعد معقولاً ولا مقبولاً أن تنحاز فئة في لبنان الى محور من دون أن تنحاز فئة الى محور آخر، وهذا ما هو حاصل منذ عام 1943 الى اليوم فكانت الحروب الداخلية في لبنان وكذلك حروب الآخرين على أرضه.
خامساً – أن تتنادى الهيئات الاقتصادية لإصدار بيانات تحمل المسؤولين والسياسيين تبعة ما وصلت اليه الاوضاع السياسية والاقتصادية والامنية والاجتماعية، والدعوة الى إضراب يطالب بشكيل حكومة قادرة من أصحاب الكفاية والسمعة الطيبة وتحظى بثقة الناس أولاً بحيث لا يجرؤ السياسيون المزايدون على الوقوف في وجهها.
لقد جرَّب لبنان الانحياز الى المحاور فدفع الثمن غالياً، فليجرب عدم الانحياز باتفاق الجميع، فمن دون ذلك يصبح للبنان كيان آخر ونظام آخر عندما تصبح الوحدة الوطنية في خطر، ولا حياة للعيش المشترك عندما تريد كل طائفة أن تعيش على هواها…